UmWeltWandel مشروع البحث

"نحن استعرنا الأرض من أطفالنا" التغيرات البيئية ونمط الحياة في وسط عمان في الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد

حتى يومنا هذا، لم يتم اكتشاف آثار شبه الجزيرة العربية بشكل كامل. على الرغم من أنها واحدة من أكثر المناطق جفافاً حول العالم إلا أن الجزء الشرقي، الذي يسمى اليوم سلطنة عمان، كان يعيش عصراً ذهبياً في المجالين الثقافي والاقتصادي في الألفية الثالثة قبل الميلاد.

 ومع ذلك لم يعرف حتى الآن كيف استطاع السكان التكيف مع هذه البيئة في ذلك الوقت وخصوصاً الترتيب الزمني الدقيق عند التمييز بين التغيرات البيئية التي حدثت في تلك الفترة في وسط عمان، وبالأخص فيما يتعلق بتوفر الماء وطبيعة نمو النباتات. وبالتالي يمكننا الربط بين نمط حياة السكان واستراتيجيات الاستدامة الناجحة أو الفاشلة من جهة، والبيئة الهشة من ناحية أخرى.

لفد بدأ تمويل البحث المشترك الجديد في 11 نوفمبر 2020 والممول من قبل وزارة التعليم والبحوث الاتحادية الألمانية (BMBF) كجزء من أهدافها التمويلية“Kleine Fächer – Zusammen stark” (مواضيع صغيرة – معاً أقوى)، يمتد المشروع على مدى أربع سنوات، وبالإضافة إلى توبنغن يشارك في المشروع ماينز، فرانكفورت وغوتنغن حيث تم الاعتماد في البحث على عدة نظريات في علوم الطبيعة والآثار لدراسة التغيرات البيئية وأنماط حياة السكان في وسط عمان في الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد.

كما تم جمع بيانات شاملة عن الظروف البيئية وتقييمها وربطها مع الأحداث التاريخية التي جرت في تلك الفترة الهامة. إن النهج متعدد التحليلات لهذا المشروع تضمن دراسة وتحليل الذرات النباتية، حبات غبار الطلع، البذور، والفحم لمعرفة أنواع النباتات، بالإضافة لدراسة أصداف الحلزون، التي تعطينا فكرة واضحة عن التغيرات المناخية والموسمية في درجات الحرارة والهطولات المطرية بالإضافة لتحليل الخصائص الجيومرفولوجية (المتعلقة بالبنية والشكل) التي توضح تطور الموارد البيئية، وخاصة المياه، وتكيف المجتمع معها. بالإضافة إلى تأثير البشر على البيئة المحيطة بهم وتفاعلهم معها، والذي يلعب دوراً مهماً أيضاً، ومن المتوقع أن تقدم نتائج مشروع البحث المشترك رؤية مبتكرة لما كان عليه العصر البرونزي، وأن تقدم نتائج قيمة حول استراتيجيات الاستدامة التي كان يستخدمها الناس في وسط عمان. يمكننا أخيراً من خلال هذه المعلومات فهم الصلة والأسباب التي تربط بين مختلف أنماط الحياة والمعيشة من جهة، والظروف البيئية من جهة أخرى.

يستهدف هذا المشروع عامة الناس وليس فقط الجهات الأكاديمية، حيث نجد على الموقع الالكتروني للمشروع وبشكل مستمر مجموعات من الصور والنصوص التي تم جمعها وعرضها على أساس منتظم وبأسلوب سهل يمكن لغير المختصين فهمه. بالإضافة إلى ذلك، يفتح المشروع مجالاً للتفكير والنقاش حول المناخ والبيئة والاستدامة، ومقارنتها مع الوضع في يومنا هذا. وفي هذا السياق، فإن المجموعات المتنقلة في المناطق القاحلة من العالم، والتي غالباً ما تعاني من الاضطهاد، لها الأهمية الكبرى في تزويدنا بمعرفة قيمة على مدى آلاف السنين حول كيفية التعامل مع الموارد الحيوية النادرة والظروف البيئية المتغيرة.


العمل الميداني - حملات عام 2021/22:

بسبب التأخيرات المرتبطة بانتشار جائحة فيروس كورونا تعذر بدء العمل الميداني في عمان حتى سبتمبر 2021. واستمرت الحملة الأولى شهرًا ونصف. وكانت الحملة الثانية في الفترة من فبراير إلى أبريل 2022. وخلال كلتا الحملتين أجريت الدراسات الاستقصائية وعمليات الحفر وكذلك الفحوصات الجيومورفولوجية والميكرومورفولوجية والأحفورية والنباتية والرخوية في منطقة الخشبة وبالقرب منها، وكذلك في بعض المناطق النائية الأخرى مثل سينت في الشمال الغربي ورمال الشرقية من الجهة الشرقية لمنطقة الخشبة. وتضمنت فرق التنقيب كلاً من لوكاس بروكتور وكاتارينا شميت وتارا بيوزين فالر وبيتر كون ودانا بيتش وفرانك شلوتز وهيرمان بهلينج وأنتونيا راينهارت ومريم لوفلر وإدجار جيليه ونيكو روجالسكي وكونراد شميت.

في النصف الثاني من شهر سبتمبر لعام 2021 بدأ الفريق مسحًا نوعيًا للنباتات الحديثة والأشكال الأرضية. تقع الخشبة في سهل طمي رسوبي عريض بمتوسط ​​96 ملم من الأمطار سنويًا في الوقت الراهن. وبشكل عام تمثل النباتات المحلية مناطق غابات/أدغال جافة ونباتات مشاطئة في المناطق النشطة داخل الوادي. وتوجد أشجار أكاسيا (سنطاوية) وأشجار الغاف بالقرب من القرية. كما أن هناك مناطق نباتية جرى تحديدها على نطاق ضيق محليًا:

1) "مرعى أشجار أكاسيا والغاف شبه السافانا." يوجد هذا الغطاء النباتي على الأسطح البليستوسينية في العصر الجليدي والعصر الهولوسيني داخل وادي سمد وبجواره (صورة 1).

2) "منطقة الشاطئ الجافة". يمثل هذا الغطاء النباتي انتقالًا من المنطقة النباتية الأولى داخل الأسطح الحصوية ومناطق الوادي النشطة في وادي سمد.

3) "منطقة الشاطئ الرطبة". لوحظت منطقة الغطاء النباتي هذه بشكل متكرر أكثر في وادي عندام ناحية الغرب من منطقة الفحوصات، حيث تساعد أحواض المياه شبه الدائمة في الوادي على نمو عدد أكبر من الأنواع النباتية (صورة 2).

4) "أدغال الفربيون والخرمان." تتميز هذه المنطقة بنباتات شجرية تحيط بمناطق صغيرة نشطة حديثًا في الوادي.

5) "النباتات المعلقة الجافة" يتزايد شُح هذا الغطاء النباتي على المنحدرات الصخرية وأسطح العصر البليستوسيني المحيطة بالوديان.

6) "نباتات الواحات الحضرية" يتكون هذا الغطاء النباتي من مجموعة متنوعة من النباتات العشوائية مثل أشجار الفاكهة والمحاصيل والحشائش التي تنمو بين منازل القرية (صورة 3).

صورة 1: مثال على أكاسيا شبه السافانا التي تم رعيها بشكل مكثف على أطراف الوادي بالقرب من منطقة الخشبة.

صورة 2: مثال على منطقة الشاطئ الرطبة في وادي عندام.

صورة 3: مثال على "نباتات الواحات الحضرية" في حديقة نخيل في ولاية آدم.

أما فيما يتعلق بالأشكال الأرضية (التضاريس) الموجودة بالقرب من الخشبة، فإن المكان يقع عند ملتقى وادي سمد ووادي الشويعي. كلاهما عبارة عن أنظمة مائية مغلقة ذات مجاري مائية مؤقتة. ووادي سمد عبارة عن نظام مائي مهم في جنوب بيدمونت من سلسة جبال الحجر. حيث يبدأ الفاصل المائي فيه داخل نظام الحجر الشرقية الذي يتميز بصخور الأفيوليت المتجانسة (الغابرو، والدونيت، والهارتزبورجيت) وهي جزء من كتلة السميل الأفيوليت المرتفعة. ويبلغ طول وادي سمد ما يقرب من 80 كم ويمر عبر المدن الحديثة في الروضة والسمد والخشبة والسديرة وسناو ويتوقف عند منطقة تجمع ملح ضخمة بالقرب من عيون / برزمان. كما نشأ وادي الشويعي في جبل الشويعي، وهي عبارة عن سلسلة جبلية صغيرة ترتفع بحوالي 500 إلى 600 متر فوق مستوى سطح البحر وتتكون من الأفيوليت (الغابرو، والدونيت، والهارزبورجيت) والبازلت (السدود). حيث يمتد أولاً إلى ناحية الجنوب قبل أن يصب في وادي سمد. أما من الناحية الجغرافية والجيولوجية فتعتبر منطقة الخشبة مميزة من الناحية الهيدرولوجية (المائية) لعدة أسباب:

- السد الطبيعي الذي تشكله تلال هواسينا التي تتقاطع مع وادي سمد يمكن أن يتسبب في ارتفاع منسوب المياه الجوفية.

- قد يؤدي حصر التصريفات السطحية لوادي سمد في الفجوات الضيقة إلى زيادة حجم الجريان السطحي بصورة موضعية.

- قد يؤدي التلامس الصخري بين نظام الأفيوليت وتلال الحجر الجيري / السليسي لتكوين تلال هواسينا إلى نشأة الينابيع والمياه الجوفية.

حُددت ثلاثة أشكال أرضية مترسبة من الطمي الرباعي في وادي عندام ووادي سمد، حيث صُنفت من 1 إلى 3 وفقًا للتضاريس (من الأعلى إلى الأدنى) وبناءً على عمرها المحتمل. ويمكن تقسيم هذه المستويات الثلاثة الرئيسية موضعيًا إلى مستويات فرعية. كما يُستخدم مصطلح "السطح" عندما يكون الطمي القديم مقطوعًا بشكل واضح على عكس الطمي القديم المرتبط بالسطح 1 للأقدم، أو السطح 2 للوسط، أو السطح 3 لأحدث الرواسب.

- أسطح عالية / رواسب غرينية (T1): أسطح تدفق بليستوسينية مبكرة إلى متوسطة.

- أسطح متوسطة / رواسب غرينية (T2) - (أو سهل حجري رسوبي عريض في وادي سمد): يعتقد أن رواسب / أسطح نهرية بليستوسينية متأخرة كانت مرتبطة بالعصر الجليدي المتأخر بين 115000 و 90000 سنة مضت.

- أسطح منخفضة / رواسب غرينية (T3): يعتقد أن رواسب / أسطح نهرية من العصر الهولوسيني كانت مرتبطة بالعصر المطير الهولوسيني بين 8000 و 6000 سنة مضت.

في وادي سمد تتضح أعلى الأسطح جيداً (T1)، ولكنها منعزلة في شرق الوادي، على الجانب الشمالي لجبل الخشبة. ويشغل الجزء الرئيسي من السهل الرسوبي الحجري رواسب السطح 2 التي تتكون أساسًا من طبقة غرينية تتخللها قنوات قديمة أو مناطق وادي حديثة بشكل استثنائي (صورة 4). وتكاد تكون تضاريس الرواسب الغرينية للسطح 2 مرئية، ولكن درجة الطلاء الصحراوي على حصى الرواسب الغرينية للسطح 1 والسطح 2 والسطح 3 تختلف اختلافًا كبيرًا. كما تقع مستويات الأسطح المنخفضة / رواسب السطح 3 بالقرب من أطراف الوادي الحديثة، وغالبًا ما تقطع مترًا فوق قاع الوادي الحالي. ووفقًا لأول تحديد أُجري للعمر فإن الرواسب الغرينية لهذه الطبقة ترتبط بديناميكيات التدفق الأعلى خلال موسم المطر الهولوسيني.

صورة 4: السطح الأوسط يتقاطع مع منطقة الوادي الأخيرة (على اليسار) والوصلة الضحلة بين رواسب السطح 2 وسهل رسوبي فعال (على اليمين).

رُسمت خريطة للأشكال الأرضية الرباعية للجزء الغربي من المنطقة الخاضعة للفحص. ومن المقرر إجراء الفحص على الجزء الشرقي في إطار حملة عام 2023. وتعتمد الخريطة على بيانات برنامج جوجل إيرث (Google Earth) ونظام التموضع العالمي (GPS) المجمعة أثناء تنفيذ العمل الميداني (الشكل 5). وتكاد تظهر الأسطح المنخفضة / رواسب السطح 3 في الصور الملتقطة بالقمر الصناعي، ولكن يمكن التعرف عليها بسهولة في الميدان. وتوضح الخريطة النتائج الأولية لعمل حملة عام 2021 وسوف تُصقل وتُطور في السنوات القادمة.

صورة 5: خارطة أولية للأشكال الأرضية (التضاريس) الرباعية بالخشبة.

بناءً على الوحدات التي حُددت أثناء رسم خريطة الأشكال الأرضية الرباعية حُفرت ثمانية خنادق في عدة مناطق في الجزء الغربي من الخشبة. وتكمن أهداف هذه الخنادق في 1) تنقيح التسلسل الزمني للرواسب الغرينية للأسطح الوسطى / رواسب السطح 2 والأسطح المنخفضة / رواسب السطح 3، 2) تحليل التسلسلات الرسوبية النهرية، 3) تحليل أي مؤشرات بيولوجية متضمنة داخل هذه المتواليات الرسوبية. ووقع الاختيار على هذه الخنادق لجمع البيانات المتعلقة بالعمليات الطبيعية وفحص التأثيرات البشرية على البيئة.

بعد الانتهاء من عمليات الحفر خضع كل خندق للتقويم والتمييز بعلامات (صورة 6).

صورة 6: رسم تخطيطي لمقطع جانبي للتربة.

اُستخدمت استراتيجية أخذ عينات متعددة البروكسي لمعظم الخنادق. وتضمنت هذه الاستراتيجية أخذ عينات منهجية (كل 5 سم) لفحوصات التربة والفحوصات الأحفورية، وأخذ عينات انتقائية لتحليل التربة (بشكل أفقي) وأخذ عينات انتقائية للفحوصات الأنثراكولوجية والرخوية (في طبقات الرواسب). وفي كل خندق جُمعت عينات الإشعاع الضوئي المحفز بصريًا (OSL) وكذلك القواقع والفحم (إن وجد) لتحديد العمر. وبعد أخذ العينات رُدمت جميع الخنادق بالتراب مرة أخرى.

في أكتوبر 2021 بدأ فرانك شلوتز وهيرمان بهلينج فحوصات أحفورية لأرشيفات الرواسب لتخزين المعلومات المتعلقة بالطبيعة الأثرية. ويمثل الغطاء النباتي السابق من خلال تحليل حبوب اللقاح أهمية خاصة. فمن ناحية يمكن أن يُظهر تكوين الأنواع وكثافة الغطاء النباتي وأنماطها خلال العصر البرونزي الموارد النباتية المتاحة لتغذية الإنسان والحيوان، وكذلك لتشييد المباني والأعمال الأخرى في ذلك الوقت. ومن ناحية أخرى يعكس الغطاء النباتي الظروف المناخية الماضية، بما في ذلك درجة الحرارة، وبصفةً خاصة هطول الأمطار والرطوبة.

في حين أن الغطاء النباتي في الماضي قد اختفى منذ زمن طويل، إلا أن المعلومات المتعلقة بتكوينه وأنماطه في الرواسب لا تزال مخزنة بواسطة حبوب اللقاح، والفحم النباتي، وحصوات النبات المحفوظة. وتُنتج حبوب اللقاح داخل أزهار النباتات وتنتشر عن طريق الرياح أو تنقلها الحشرات مثل النحل من زهرة إلى أخرى. وأثناء عمليات النقل هذه يسقط العديد من حبوب اللقاح على الأرض وتتراكم هناك مع الرواسب بمرور الوقت. ويمكن أن تكون هذه الأماكن عبارة عن منخفضات صغيرة أو أحواض أو وديان. وحبوب اللقاح هذه مقاومة للتحلل بشكل كبير. وبخضوع حبوب اللقاح من مجموعات نباتية مختلفة للفحص تحت المجهر تبين أن لها مظهر مميز يسمح بتحديد الأنواع حتى بعد مرور آلاف السنين (صورة 7 وصورة 8).

صورة 7: مجهر لتحليل حبوب اللقاح.

صورة 8: حبوب اللقاح من نوع Ruellia patula تحت المجهر.

توجد الحصيات النباتية أيضًا في نفس الأرشيفات الرسوبية. والحصيات النباتية عبارة عن بلورات كوارتز صغيرة تنتج داخل أنسجة النباتات. وبينما تتفكك المكونات العضوية للأوراق والسيقان بمرور الوقت في ظل ظروف مناسبة، يمكن أن تدوم هذه المكونات المعدنية، مثل حبوب اللقاح، لآلاف السنين وتساعد في إعادة بناء الغطاء النباتي في ذلك الوقت.

في إطار العمل الميداني جُمعت عينات الرواسب من ما يقرب من 20 موقعًا لاختبار مدى ملاءمتها كأرشيفات جيولوجية. وأُخذت العينات بالقرب من المواقع الأثرية (صورة 9، على اليسار) وكذلك بعيدًا عنها (صورة 9، على اليمين) من أجل الوقوف على التناقضات المتوقعة بين المناطق الطبيعية الأكثر أو الأقل تأثراً بشدة بالإنسان في ذلك الوقت. كما جُمعت أيضًا عينات من الأسطح للحصول على لمحة عامة على تكوين حبوب اللقاح والحصيات النباتية الحالي لمواقع وأنواع نباتات مختلفة.

صورة 9: عينات الرواسب لفحوصات حبوب اللقاح والحصيات النباتية داخل (يسار) وخارج (يمين) المواقع الأثرية.

سوف تخضع العينات للمعالجة في المختبر في جوتينجن هذا الشتاء من أجل اختبار جودتها. وجرى قياس كمية ونوعية حبوب اللقاح المستخلصة والحصيات النباتية بواسطة مجهر بمعدل تكبير 200x إلى 1000x مرة.

هناك حاجة إلى مواد مرجعية لحبوب اللقاح والحصيات النباتية لتحديد النباتات التي تنمو في عمان. ومن ثم جُمعت المواد النباتية (صورة 10) أثناء تنفيذ العمل الميداني وبدعمٍ من حديقة النباتات والأشجار العُمانية (Oman Botanic Garden) في مسقط. بعد ذلك سوف تنشأ تشكيلة مرجعية من حبوب اللقاح العمانية وتُصور وتُنشر عبر الإنترنت كأداة مفيدة للعلماء الآخرين.

صورة 10: جمع المواد النباتية في الميدان.

بالإضافة إلى الرواسب والمواد النباتية جُمعت أيضًا عينات روث حديثة من حيوانات آكلة عشب. فكان الروث يحتوي على حبوب اللقاح والحصيات النباتية من النباتات التي كانت تأكلها الإبل والماعز. بالإضافة إلى أن العديد من الفطريات أليفة البراز تعيش على مثل هذا الروث وتنتج جراثيم واضحة. وبالتالي فإن معرفة هذه الجراثيم وحبوب اللقاح لحشائش المراعي واكتشافها في الرواسب القديمة يتيح إمكانية التعرف على سبل تربية الحيوانات في الماضي. ومن ثم لا يمكننا إعادة بناء الغطاء النباتي والمناخ في ذلك الوقت من خلال أرشيفات مناسبة فحسب، ولكن أيضًا الوقوف على آثار الأعمال والأنشطة البشرية على البيئة.

بعد تحليل عينات الاختبار لهذا العام وتحديد أرشيفات الرواسب المناسبة فإننا نعتزم الحفر بعمق أو حفر مواقع مختارة في ربيع عام 2022 لإعادة بناء التغيرات المناخية والطبيعية حول منطقة الخشبة على مدى 5000 عام الأخيرة على الأقل.

تضمنت الأنشطة الأخرى في سبتمبر وأكتوبر لعام 2021 تصنيع وتجميع آلة تعويم دوراة جديدة لمعالجة عينات التربة التي جُمعت بواسطة فريق UmWeltWandel لاستخراج الفحم لتحليله. واُستبدلت آلة التعويم القديمة المستخدمة في عمليات الحفر السابقة في الخشبة بتصميم أكثر ثباتًا (صورة 11). وبدأت معالجة العينات في 6 أكتوبر ونفذها لوكاس بروكتور من جامعة فرانكفورت. وفي إطار الحملة الأولى خضعت عشر عينات للمعالجة. واُستخلصت هذه العينات من ردم خندق كبير (المبنى I) بعد أن تم التخلي عنه، وكذلك من الرواسب غير الأثرية للوادي وما يرتبط بها من الخنادق (KS2–KS5). وكان العائد من هذه العينات ضئيلًا، على الرغم من احتوائها جميعًا على جزيئات دقيقة من الفحم والعديد من بطنيات القدم التي سُلِّمت إلى أخصائي علم الرخويات في المشروع لتحليلها.

صورة 11: صنع آلة التعويم الجديدة.

في ربيع عام 2022 استمرت عملية إعادة بناء السهل الهولوسيني الغريني. وتحقيقًا لهذه الغاية خضع الجزء الأبعد من السهل الغريني بوادي سمد ووادي الشويعي للفحص للعثور على مواد رسوبية أو رواسب دقيقة الحبيبات بالقرب من الشاطئ. غير أن الرواسب بالقرب من الشاطئ تعد مناسبة للتعرف على الامتداد السابق لسهل وادي سمد أو وادي الشويعي الرسوبي والترسيب السطحي الغريني السابق أو التعرف على عملية نقل المناطق الرئيسية للوديان. كما أن هذه الرواسب قد تحتوي على مؤشرات حيوية مثل الفحم وحبوب اللقاح والقواقع.

صورة 12: موقع الخنادق (السونداج) لعام 2021 وعام 2022.

حُفرت عشرة خنادق إجمالاً (بعمق يبدأ من 50 سم إلى 4 أمتار) بمرجع نهري ووُصفت وأُخذ عينات منها (KS30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 57 - 59). وبداخل هذه الخنادق أُكتشفت عدة مؤشرات دالة على الظروف الرطبة في الماضي، مثل:

- التربة القديمة (KS34)،

- خصائص مائية (KS30 - 32 - 37 (صورة 13))،

- رواسب الكاليش أو الكلس (KS30 - 32 - 33 - 36 - 37)،

- وديان ذات نسب انجراف عالية (KS31 - 32 - 57 - 36).

أُخذت عينات من التربة لفهم أفضل لتطور وادي سمد ووادي الشويعي ولوصف أفضل لطبيعة الرواسب ومنشأها وعمليات ما بعد الترسيب. واعتمدت إجراءات تحديد العمر على القواقع وعينات تأريخ الإشعاع الضوئي المحفز بصريًا (OSL) والبيريليوم التي جُمعت من سطح الطبقات الغرينية القديمة ومن داخل الترسبات الغرينية.

صورة 13: عرض لمقطع KS37 يُظهر دليلًا على الظروف الرطبة قديمًا أو ديناميكيات التدفق.

KS38 (صورة 14) عبارة عن خندق يقع في حوض التنقيب الصغير المحاط بتلال من الصخور النارية. فهذا الحوض الصغير لديه القدرة على توثيق التغيرات البيئية المحلية في مدينة الخشبة، حيث يحتوي على مستجمعات صغيرة ومنفصلة عن السهل الغريني لوادي سمد ووادي الشويعي. ولهذا الحوض تصريف واضح على جانبه الشرقي، مما يمنع تكون القشور الملحية. وقد حُفر خندق بعمق 3.50 م لمراقبة وتحليل مراحل الترسيب في الحوض. وأُخذت عينات مختلفة لفهم مواد التعبئة بشكل أفضل؛ كما تُجرى أيضًا تحاليل حبوب اللقاح.

صورة 14: تصوير من الجو للخندق KS38.

حُفر على الجانب الجنوبي من برج العصر البرونزي المبكر للمبنى الحادي عشر خندق كبير واكتشف فيه شقين من العصر البرونزي، ألا وهما KS52 وKS53، (الصورتان 15 و16). ولفهم وظيفة الخنادق والتربة التي حُفرت فيها الخنادق وتوقيت المهمة والعمليات التي أدت إلى ردم كلا الهيكلين بشكل أفضل، فقد جُمعت سبعة أنواع من العينات. وللتأريخ فقد جُمعت عينات الإشعاع الضوئي المحفز بصريًا (OSL) وعينات تأريخ الكربون المشع (الفحم وبطنيات القدم وترسيب كربونات الكالسيوم والكربون العضوي الكلي). ولفهم تكون الرواسب وتكوين التربة بشكل أفضل، جُمعت عينات رواسب كبيرة (لتحديد حجم الحبوب ولإجراء التحليل الجيوكيميائي) والعينات الدقيقة (للتحليل المجهري لعمليات التربة).

صورة 15: الخندق الداخلي (KS52) والخندق الخارجي (KS53) وموقع عينات الإشعاع الضوئي المحفز بصريًا (OSL) والعينات الميكرومورفولوجية المأخوذة.

صورة 16: الخندق الخارجي (KS53).

حُفر الخندقان (KS54 و KS55) في منطقة برج العصر البرونزي المبكر للمبنى السابع. وقد لوحظت الرواسب ذات الحبيبات الدقيقة وتكوين التربة مع تغلغل كبير في الجذور وكذلك الفحم في كليهما. حُددت طبقة واحدة على الأقل على أنها طبقة باليوسولية (لأسباب مناخية؟) وطبقتان تنتميان إلى حدائق قديمة. وللتأريخ فقد جُمعت عينات الإشعاع الضوئي المحفز بصريًا (OSL) وعينات تأريخ الكربون المشع. ولفهم تكون الرواسب وتكوين التربة بشكل أفضل، جُمعت عينات رواسب كبيرة والعينات الدقيقة (الميكرومورفولوجية).

في المشروع الفرعي لعلم النبات الأثري اشتمل العمل الميداني الذي نُفذ في عام 2022 ضمن المشروع المشترك UmWeltWandel على ثلاثة أنشطة رئيسية: 1) استمرار المسح النوعي للنباتات الحالية القريبة من قرية الخشبة؛ 2) جمع عينات رواسب كبيرة من الخنادق الجيومورفولوجية والمعالجة الإضافية في شكل تعويم والغربلة الجافة لدعم الفحوصات النباتية الأثرية والبيئية الأثرية في مشروع UmWeltWandel؛ 3) عمليات الحفر المستهدفة وجمع عينات الفحم من مواقد متحملة التي أُكتشفت سابقًا من خلال مسح ولاية المضيبي.

أثناء إجراء مسح الغطاء النباتي حُرص على توسيع وتحسين تحديد الأنواع النباتية الموجودة على أطراف وادي سمد. وقد كانت هناك عمليات تحديد متعددة في حملة عام 2021؛ من بينها Acacia ehrenbergiana و Lycium shawii، حيث تزهر هذه الأنواع في شهري فبراير ومارس. وقد بدأت دراسة منهجية مخطط لها لأنواع الأشجار على طول الجانب الشرقي والغربي في وادي سمد ومن المتوقع أن يستمر حتى عام 2023. ومن المقرر أن تشمل هذه الدراسة أيضًا القياسات المورفومترية، وخاصةً Acacia tortilis، شاملةً ارتفاع الحبيبات ومساحتها وقطر الجذع وقطر الفرع الأساسي (صورة 17). وبالنسبة للمجموعة المستهدفة لعينات الخشب فإن هذه القياسات تسلط الضوء على سبل تأثر التباين في تشريح الخشب بتاريخ النمو.

صورة 17: قياس عرض فرع Acacia tortilis.

استمرارًا للحملة الأولى في خريف عام 2021 جُمعت أيضًا عينات رواسب كبيرة بحجم 5-15 لترًا من طبقات استراتيجية وجغرافية مختارة في ثمانية خنادق أنشأها فريق مشروع UmWeltWandel أثناء العمل الميداني في عام 2022 (صورة 18). وفُحصت عينات رواسب كبيرة من أماكن ليست من صنع البشر، حيث من المستبعد أن يكون الفحم والبذور قد رُسبت بهدف العثور على أصداف القواقع الكبيرة بما يكفي لإجراء التحليلات. وتشمل هذه العينات عينات من طبقات في الخنادق KS30 و KS32 و KS34 و KS38، حيث لوحظ احتوائها على كميات أكبر من أصداف القواقع. حيث اُستخدمت شبكة بحجم 4-5 مم في الغربلة. فيُعد جمع القواقع من عينات رواسب كبيرة أمرًا ضروريًا للحصول على أرقام قوية ودامغة إحصائيًا عن وفرة القواقع، مما يساعد على توفير معلومات بشأن درجة الغطاء النباتي والتظليل في الماضي. حيث خضع ما مجموعه 50 دلوًا أو >240 لترًا من الرواسب للمعالجة للحصول على الفحم النباتي وأصداف القواقع للتحليل المختبري في ألمانيا (الصورتان 18 و19).

صورة 18: جمع عينات رواسب كبيرة من الخندق KS54 للتعويم.

صورة 19: تعويم عينات رواسب كبيرة في موقع الحفر.

في نهاية الأمر أُجريت أعمال حفر صغيرة في موقعين؛ LZQ1 (صورة 20) و MTL2 (صورة 21)، بالقرب من قريتي لزق والمطيلع، بهدف العثور على الفحم النباتي من مواقد حجرية من العصر الحجري الحديث في الموقع. وقد وقع اختيار الموقعين بالتنسيق مع مشروع مسح المضيبي من قِبل ستيفان دوبر من جامعة فرانكفورت كمواقع محتمل احتوائها على مواقد ترجع إلى العصر الحجري الحديث وذلك بناءً على شكلها والاكتشافات التشخيصية لسطحها. ويتألف الحفر LZQ1 من قطع تجريبي بمساحة 1 × 2 متر يقسم التركيب المحدد في الاتجاه الشرقي والغربي إلى نصفين. وأجريت أعمال الحفر على عمق حوالي 10 سم، إلا أنه لم يُعثر على هياكل سليمة تحت الأسطح وعُثر فقط على عدد قليل من القطع الأثرية ولم يُعثر أيضًا على فحم نباتي. كما تتألف أعمال الحفر في MTL2 أيضًا من قطع اختباري بمساحة 1 × 2 م في الاتجاه الشرقي والغربي ويقع مباشرةً عند مدخل هيكل على شكل "C" بعرض 2 متر وله أوجه تشابه مع الهياكل المحتمل أنها تعود إلى العصر الحجري الحديث والموجودة في مكان آخر في المنطقة. وتتميز هذه المنطقة بأكوام صغيرة من الحجارة (20 × 20 سم) مرتبة بشكل غير منتظم تذكرنا بشكل الموقد. ومع ذلك كشفت أعمال الحفر أن هذه الأكوام لا تستقر إلا على الرواسب الناعمة المتجمعة على الأسطح فحسب مع عدم وجود دليل على وجود سطح باقٍ أو موقد. ولم يُعثر على فحم نباتي وتوقفت أعمال الحفر في هذا الموقع.

صورة 20: موقد محتمل في LZQ 1 قبل تنفيذ أعمال الحفر.

صورة 21: تثبيت الأحجار في MTL2 قبل تنفيذ أعمال الحفر.

في عام 2022 وضعت مصائد حبوب اللقاح في مواقع مختلفة لفهم ظهور حبوب اللقاح الحالية وعدد حبوب اللقاح في منطقة الخشبة (صورة 22). تمتلئ هذه المصائد بالجلسرين، مما يمنع مادة حبوب اللقاح التي تحملها الرياح من الانجراف مرة أخرى عن طريق الترسيب. ومن المقرر جمع مصائد حبوب اللقاح كجزء من العمل الميداني في عام 2023 وسوف تعرض ظهور حبوب اللقاح على مدار عام كامل. بالإضافة إلى ذلك أُخذت عينات سطحية من العديد من البحيرات الجوفية الموجودة حاليًا في المنطقة. فنحن نأمل أن تعطينا هذه العينات أيضًا لمحة عامة عن حبوب اللقاح التي تظهر اليوم حتى نتمكن من تقدير ظهور حبوب اللقاح بشكل أفضل خلال العصر البرونزي بناءً على الانحرافات المحتملة في تكوين حبوب اللقاح في أرشيفات الرواسب. وقد جُمعت حوالي 50 عينة نباتية إضافية في المنطقة لتوسيع مجموعة حبوب اللقاح المرجعية.

صورة 22: تركيب مصائد حبوب اللقاح في موقع الحفر في منطقة الخشبة.

بجانب أخذ العينات من الخنادق السابق ذكرها (KS30 و32 و37 و38 و54 و55) والخنادق (KS52 و53) توسع العمل الميداني ليشمل مناطق أخرى. ويوجد في الجزء الأوسط من سلسلة جبال الحجر، ليس بعيدًا عن سينت، عدة خنادق مملوءة بالرواسب القريبة من بعضها بعضًا. ويشار إلى أكبرها عادةً باسم Sint-Polje. وقد حُفر فيها، تحديدًا في منطقة الدراسة لمجموعة عمل تابعة لجامعة برنو في جمهورية التشيك، المزيد من مواد الرواسب بعدة مقاطع وأشكال (صورة 23). وإذا وجدنا عددًا واعدًا من حبوب اللقاح في هذه العينات، فمن المخطط تنفيذ سبل تعاون محتمل بشأن الدراسات الأحفورية في Sint Polje. وكانت المنطقة الأخرى لأخذ العينات هي رمال الشرقية شرق منطقة الخشبة. فأُخذت من هناك عينات من مواقع الرواسب الجيرية التي تشير إلى مستويات الفيضانات السابقة في الصحراء (صورة 25). وذلك قد يساعد في تحديد الأماكن التي كانت توجد بها مياه راكدة ومن ثم حُفظت فيها حبوب اللقاح جيدًا.

كما أُخذت عينات من الطوب اللبن (KS43-50) في صورة أرشيفات يُحتمل احتوائها على حبوب اللقاح والحصيات النباتية.

صورة 23: أعمال الحفر في Sint-Polje.

صورة 24: الرواسب الجيرية في رمال الشرقية.

فيما يتعلق بعلم الرخويات القائم عليه المشروع الفرعي ساعد العمل الميداني في عام 2022 بشكل أساسي على التعرف على التضاريس والظروف البيئية الحالية. وجُمعت القواقع الأرضية والمائية من مواقع استكشافية مختلفة (حديثة وقديمة). كما أننا أجرينا دراسات بشأن الأماكن والظروف التي يمكن في ظلها العثور على القواقع الحية من أجل استخلاص استنتاجات بشأن ظروف معيشتهم في الماضي. ومن ثم وُجدت بعض القواقع المائية حيةً في الفلج، بينما تعذر العثور على القواقع الأرضية حية على الرغم من إجراء عمليات بحث مكثفة.

وبالفعل اُستخدمت أول قواقع حديثة في الميدان كمواد مرجعية للمطابقة والتحقق من تقدمها في السن لاحقًا. ولذلك نُظِّفت القواقع وقُطعت إلى أجزاء باستخدام الهون. ثم بعد ذلك أُجري عليها تحليل حيود الأشعة السينية (XRD)، وتحليل مقياس الطيف الكتلي لنسبة النظائر (IRMS)، وتحليل البلازما المقترنة بالحث (ICP)، وتحليل مطيافية الانبعاث البصري (OES)، وتحليل مطيافية رامان.

وإلى جانب القواقع جرى أيضًا تحليل الكاليش أو الكلس الموجود في مواقع مختلفة باستخدام مقياس الطيف الكتلي لنسبة النظائر. ونحن على أمل بإمكانية إعادة تشكيل الظروف المناخية التي سادت أثناء الترسيب من بيانات النظائر. بالإضافة إلى الكاليش أو الكلس عُثر أيضًا على ترسبات الترافرتين وأُخذت عينات منه، حيث من المقرر أن يُؤرخ الآن باستخدام تحليل U/Th في جامعة ماينتس، وبالتالي سوف يساهم أيضًا في إعادة تشكيل المناخ. ولإجراء ذلك قُطعت ثلاث كتل صخرية كبيرة من ترسبات الترافرتين وعُبئت جيدًا بحيث يُحافظ على التقسيم الطبقي الأصلي لأن هذا مهم لتاريخ الترسيب.

قد بدأت تجربة أخرى: وضِع جهازي تسجيل وقياس درجات الحرارة في أماكن مختلفة تحت الماء. حيث يسجل الجهازان درجة حرارة الماء الحالية كل ساعتين، بحيث يُسجل ملف درجة حرارة الماء الدقيق على مدار عام في القراءة السنوية (الحملة الميدانية لعام 2023). هذا الأمر مفيد لأنه يمكنك بعد ذلك استخدام مبدأ التناسقية أو الوتيرة الواحدة لمقارنة المناخ في ذلك الوقت مع المناخ الحالي اليوم واختبار ما إذا كانت الأصداف التي تُستخدم بشكل أساسي لحساب درجة الحرارة قد سجلت إشارة قوية ودامغة. بالإضافة إلى ذلك تُؤخذ عينة من المياه من مواقع أجهزة التسجيل كل 3 أيام، بحيث تُحلل بعد ذلك بمقياس δ18O في معهد ماكس بلانك للكيمياء. فيكمن الهدف من ذلك في التحقق من مدى استقرار نظير الماء؛ أي كيف تتغير درجة الحرارة على مدار العام وكيف يؤثر هطول الأمطار عليها.

بالإضافة إلى وضع جهازين لتسجيل درجات الحرارة والرطوبة. مثل أجهزة تعقب المياه التي تعمل على قياس درجة الحرارة والرطوبة كل ساعتين بحيث يمكن حساب عدد المرات في السنة التي تكون فيها الظروف مناسبة للقواقع الأرضية (نطاق درجة الحرارة: 17-32 درجة مئوية بالإضافة إلى الرطوبة بين 75-95 %) لتشكيل أصدافها. ويُطبق مبدأ التناسقية أو الوتيرة الواحدة في هذا الأمر أيضًا.

صورة 25: الترافرتين في أماكن أخذ العينات بالموقع.


الأعمالُ الميدانية – حملة 2023:

أُقيمت الحملةُ الأخيرةُ في الفترة من 7 يناير/كانون الثاني حتى 17 أبريل/نيسان 2023. وجُمعت فيها عيناتٌ إضافية من الرواسب والصخور والفحم والقواقع والنباتات وحبوب اللقاح والمياه لإجراء التحليلات المختبرية في ألمانيا. وضم الفريقُ لوكاس بروكتور، وكاتارينا شميت، وكونراد شميدت، وتارا بيوزين فالر، ودانا بيتش، وأنطونيا راينهاردت، وماديتا فالتر، وفيكتور كورتز، ونيكو روجالسكي، وجوستوس شونيمان، وجوناثان بهلينج، وجاكيز موريو.

أُعيد فتحُ أربع سلالاتٍ من اكتشافات عامي 2021 و2022 لإجراء أبحاثٍ إضافية خاصة بعلم الطبقات ولجمع المزيد من عينات التربة: KS3 وKS5 وKS53 وKS54. وأُنشئت، بالإضافة إلى ذلك، أربعةُ مقاطع جديدة في محيط الهياكل الأثرية المعروفة: KS76 (جنوب المباني I وVII وVIII وIX)، وKS77 (بالقرب من المبنى II)، وKT10 (بالقرب من المبنى II)، وKT11 (بالقرب من برج قبراين).

مُسحت ثلاثُ مناطق ورُسمت لها خرائطُ لتحديد مواضع التسلسلات الرسوبية النهرية القديمة والحديثة وتمييزها. وتشمل هذه المناطق النطاقَ المحيط بمنطقة الخشبة، والحافة الشرقية لوادي الصمد، وصفرة الخشبة مباشرةً (صورة 26).

وأخيرًا، كُرِّس جزءٌ كبيرٌ من حملة 2023 لاستكمال تأريخ الرواسب الرسوبية النهرية وتكوين التربة حول منطقة الخشبة. وأعيد فتح عشرين موقعًا جرى التنقيبُ فيها من قبل وذلك لأخذ عيناتٍ إضافية من الوهج المُحفَّز بصريًا (OSL)، في حين أُخذت عشرون عينة أخرى من المناطق المذكورة والممسوحة لأول مرة هذا العام.

صورة 26: موقع المناطق الثلاث، التي أجريت فيها رسومات الخرائط الجيومورفولوجية التفصيلية في عام 2023.

أُخذت قواقع من القطاعات الجانبية لغرض إجراء تحليلات جيوكيميائية. ولهذا الغرض مُسحت القطاعات بحثًا عن مواد محفوظة جيدًا. مُيِّزت القواقعُ المختارة في رسومات القطاعات الجانبية وعُبئِّت بإحكام في أوعية التفاعل من إيبندورف لجمع العينات لاحقًا في ألمانيا. وقد عُثر على عيناتٍ حديثة من النوع M. tuberculata، ولكن لم يُعثر على عيناتٍ حديثة من Zootecus insularis. وجُمعت في المجمل 38 قوقعة. ولإنشاء أرشيف مناخي إضافي، أُخذت كذلك عيناتٌ من الأصداف. ولهذا الغرض، وقع الاختيارُ على عيناتٍ مختلفة من الأصداف المُجمَّعة من حفريات 2015 حتى 2019 في منطقة الخشبة، مع إعطاء الأفضلية عندئذٍ للشظايا الأكبر المحتوية على صدفتين كاملتين. ويعد الجزء الأكبر من الأصداف هو المشطاوات (Pectinida). وبالإضافة إلى ذلك، جُمعت مواد حديثة من أكبر عدد ممكن من الأنواع من شواطئ سيفا والقرم.

وُضعت في عام 2022 أربعةُ أجهزة تتبع في مواقع مختلفة لالتقاط إشارات بيئية مختلفة. كان أحد أجهزة التتبع، الذي سجل درجة الحرارة والرطوبة النسبية كل ساعتين (صورة 27)، موضوعًا على عمق عشرة سنتيمترات تحت السطح. وثُبِّت جهازُ تتبعٍ آخر، والذي يقيس المعلمات نفسَها، على شجرة فوق جهاز التتبع المدفون. ووُضع كلا جهازي التتبع المتبقيين، اللذان يقيسان درجة الحرارة فقط (كل ساعتين أيضًا)، في بئرٍ بعمق 19 متر وعند نقطة وصول إلى فلج الخشبة. وبعد مرور عام، اُستردت أجهزةُ التتبع لتحليل البيانات.

على مدار العام الماضي، أُخذت عيناتٌ من المياه بانتظام في الخشبة، وحينئذٍ كانت تُؤخذ عينةٌ من كل موقع كل ثلاثة أيام. علاوةً على ذلك، جُمعت عيناتٌ مفردة من المسطحات المائية المختلفة، مثل الأفلاج والوديان والبحر. في المجمل، جُمع أكثرُ من 140 عينة مياه.

فضلاً عن ذلك، جُمعت عينات رواسب لإجراء تحليلات وهج الأشعة السينية (RFA) للتحقُّق من مدى تلوُّث التربة في الماضي.

صورة 27: درجاتُ الحرارة المُسجَّلة من خلال أجهزة التتبع.

أُعيد أخذُ عيناتٍ من ثلاثة مواقع واعدة محتملة (KS3 وKS5 وKS54) خلال حملة عام 2023 لجمع المزيد من الرواسب لإجراء تحليلات حبوب اللقاح وتحليلات الكربون الجزئي والكلي. كما أُخذت كذلك عيناتٌ من سلالتين جديدتين KS76 (0-260 سم)، وKS77 (0-150 سم) بالقرب من الهياكل الأثرية المعروفة في الخشبة.

غير أن التركيز الرئيسي لهذه الحملة كان منصبًا على توثيق ووصف الغطاء النباتي الحديث. واُتبعت عدةُ طرقٍ للحصول على نظرة عامة شاملة حول نباتات حبوب اللقاح الحديثة وأمطار حبوب اللقاح في المنطقة واستخدام هذا كأساس لتقدير مدخلات حبوب اللقاح وتفسير تركيزات حبوب اللقاح في العصر البرونزي. جُمعت في أربعة عشر موقعًا قديمًا وجديدًا (AK، وAS1، وOS، وWSR) عيناتٌ سطحية وأُجريت دراساتٌ نوعية حول الغطاء النباتي لتكوين انطباع عن مدخلات حبوب اللقاح الحديثة. وثمة وسيلة مساعدة قيِّمة أخرى لتتبع نقل حبوب اللقاح ومدخلاتها على مدار عام كامل، ألا وهي مصائد حبوب اللقاح. خلال الأعمال الميدانية في عام 2022، نُصب العديدُ من مصائد حبوب اللقاح في مواقع مختلفة داخل منطقة الدراسة (صورة 22). ومن بين هذه المصائد عُثر على خمس عشرة مصيدة سليمة من إجمالي ثماني عشرة مصيدة بعد عام، وجرى نقلُها إلى ألمانيا لإجراء المزيد من التحليلات.

كانت المهمة الأكثر شمولاً تكمن في جمع المزيد من عينات النباتات من الموائل المختلفة (الوديان والواحات والجبال والساحل والصحراء) لتوسيع نطاق المجموعة المرجعية لحبوب اللقاح (صورة 28). وفي المجمل، أُخذ أكثرُ من 130 عينة نبات إضافية. وتشمل المجموعةُ المرجعيةُ لحبوب اللقاح المنشأة حديثًا لسلطنة عُمان حاليًا أكثرَ من 400 نوع مختلف من حبوب اللقاح.

صورة 28: دفلى النيريوم (Nerium oleander) بالقرب من موقع البحث الجديد AS1.

استؤنف برنامج مسح وأخذ عينات النباتات المحلية الحديثة في محيط منطقة الخشبة في عام 2023. وبالنسبة للمشروع الفرعي لعلم الآثار المتعلق بالنباتات القديمة، شمل ذلك جمعَ المزيد من عينات الأخشاب من أنواع مختلفة من الأشجار (صورة 17) والحرق التجريبي لعينات لإنتاج الفحم لأغراض مرجعية. اعتمدت هذه الأعمال على الدراسات التي أجريت في حملتي 2021 و2022 وأسفرت عن إنشاء مجموعة بيانات مرجعية لأنواع الأشجار الأكثر شيوعًا في منطقة جبال الحجر الجنوبية، والتي تُستخدم في التحليلات المستمرة للفحم من الحفريات.

جُمعت على مدار الحملة عينات فحم أخرى لإجراء التحليلات المختبرية الأنثراكولوجية والكاربولوجية. وجرى تعويم عينات الرواسب في الموقع باستخدام نظام تعويم لإعادة تدوير المياه (صورة 19)، في حين جُمعت عينات الفحم أو فُحصت يدويًا. وأُخذت العيناتُ من سياقاتٍ مختلفة داخل منطقة الدراسة. تأتي عينات التعويم وبعض عينات الفحم من سلالات وقطاعات جانبية جيومورفولوجية، والتي أُنشئت في إطار مشروع UmWeltWandel (التحول البيئي) بهدفٍ أساسي وهو الحصول على مجموعة من بيانات الكربون المشع لإنشاء نماذج عمق عمري عالية الدقة (صورة 18). بالإضافة إلى ذلك، أُخذت عيناتٌ من العديد من التكرارات الغنية للفحم من الحفريات في موقع قريب من العصر الحجري الحديث، KHS-A (صورة 29)، والتي - عند مقارنتها بالعينات المأخوذة من منطقة الخشبة والمنتمية للعصر البرونزي والفترات اللاحقة - تنتج عنها مجموعة بيانات شاملة وغير متزامنة لاستيعاب التغيير في الغطاء النباتي على مدار الهولوسين.

صورة 29: حفريات هياكل من العصر الحجري الحديث على شرفة شمال منطقة الخشبة.